وطالت الحرب بينهم، ثمّ اصطلحت لهيصة وعصمان بعد أن قتل مهدى، وانضمّوا كلهم إلى الشّيعى، واشتدّ أمره، وحاربوا من بينهم من القبائل، وشنّوا الغارات على من بعد منهم. وبعث الشيعىّ خيلا مغيرة إلى مزاتة ورئيس مزاتة «١» يومئذ يوسف القنطاسى، وكان قدم على إبراهيم بن أحمد فوصله وحيّاه، وكساه، وأعطاه جارية؛ فكبسته خيل الشّيعى، وأخذوا جميع ما كان له، وسبوا الجارية، وقتلوا من قدروا عليه من أصحابه، واختفى هو فنجا، ووصلوا إلى الشّيعىّ بالغنيمة فاصطفى الجارية لنفسه وهى أمّ ولده.
فلما رأت القبائل ظهور الشّيعى واجتماع لهيصة له، وقتل مهدى، مشى بعضهم إلى بعض، وأرسلوا إلى مزاته، فاجتمع رأيهم على أن يدخلوا إليه بعيالاتهم ويحيطوا به من كلّ جانب، فتسلمه عصمان ولهيصة ومن معهم ويستأصلوهم. فانتهى الأمر إلى الشّيعى، فجمع أصحابه كلّهم بتازرارت، وجاءت كتامة من أطرافها وأحاطوا به. فخندق على نفسه، وأشار عليه وجوه أصحابه أن يعتزل الحرب وهم يقاتلون. فشكرهم على ذلك، وأبى أن يقبله. ووعدهم النّصر، وحثّهم على القنال؛ فأخرج كلّ واحد ما عنده من مال وسلاح وكراع، وتشاوروا فيه، وكمّلوا عدّتهم وعدّتهم، فبلغوا سبعمائة فارس، لا يزيدون ولا ينقصون، وألفى راجل. والتقوا بعد مراسلة لم تجد شيئا واقتتلوا قتالا شديدا. ودام القتال بينهم ثلاثة أيّام، ودام فى اليوم الثّالث إلى العصر، وكان الظّفر لأصحاب الشيعى. وانهزم أولئك، وتبعوهم وقد امتلأت أيدى أصحابه من الغنائم والأموال؛ وتفرّق ذلك الجمع. قال: فبيع الجمال كلّ عشرة بدينار [٢٩] والحمار بعشر