وانصرف الشيعىّ إلى تازرارت وابتنى بها قصرا يسكنه، واتخذها دار مقامه؛ وأقطع أصحابه دورا حول قصره. وارتحل إليه أصحابه من كلّ ناحية، وابتنوا وسكنوا، وقوى أمرهم. واستأمن إليه كثير من القبائل؛ وشنّ الغارات، وداوم الحرب، فأقبل النّاس إليه من كل جهة.
ولحق فتح بن يحيى بإفريقية «٢» فقدم على أبى العبّاس [بن]«٣» إبراهيم ابن أحمد، وهو يومئذ بتونس بعد خروج أبيه إبراهيم إلى صقلّية، فوصله وأدناه، وأكرمه، وسأله عن الشّيعىّ، فضعّف أمره، فقال: أليس قد اجتمعتم عليه فى عساكر عظيمة فلم تقدروا عليه؛ فقال: ليس أمرنا من أمرك فى شىء، إنّما نحن مقاتلة بغير رأس، ونقاتل من يعرفنا من أهل بلدنا، ولو جاءه عسكر من قبلك لكانت هيبته فى صدور النّاس. فأطمعه أبو العباس، ثم أمسك عنه.
قال: واستولى الشيعى على جميع بلد كتامة، وظهرت دعاته فى كلّ ناحية منها، وغلب عليها؛ وكانت وقائع كثيرة ببلد كتامة.
وأقام بعد انهزام الجمع نحو سنتين وهو يشنّ الغارات، ويغنم الأموال، حتّى أجابوه، وسلّموا الأمر إليه. ولم يبق إلّا المدينة الحصينة ومن فيها من