بويع له صبيحة يوم الأربعاء لاثنتى عشرة ليلة بقيت من شعبان «١» سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وذلك أنّ الوزير الجرجرائى أحضر وجوه القبائل من الكتاميين، وغيرهم من الأتراك، فلمّا اجتمعوا قال لهم: مولانا ضعيف والآجال بيد الله سبحانه، فإن قضى الله بانتقاله ما تقولون فى ولده الأمير معدّ؟ قالوا: الذى يقوله الوزير نحن به راضون، وله سامعون. فلمّا رتّب هذا الأمر استدعى الوزير، فنهض قائما ودخل إلى قاعة من قاعات القصر، ثم أحضر الجماعة، فوجدوا الأمير معدّا على سرير الملك وعليه التاج؛ فقال: هذا مولاكم، سلّموا عليه بالخلافة. فسلّموا عليه وانصرفوا؛ ولقّب المستنصر بالله، وكان عمره إذ ذاك سبع سنين.
فلمّا كان فى صبيحة يوم مبايعته، وهو يوم الخميس، وقف الكتاميّون وعبيد الشّراء «٢» وغيرهم بباب القصر، وأغلظوا فى الكلام وطلبوا أرزاقهم واستحقاقاتهم من الوزير، فقال: أنا كنت وزير الظّاهر لإعزاز دين الله وقد توفّى، وأنا أحمل إليكم جميع ما فى دارى. وأصبح حمل جميع ما فى داره إلى القصر، فغضب له الأتراك، وأعادوا ما أحضره إلى مكانه. وتقرّر اجتماعه يوم السّبت، فاجتمع الأتراك والدّيلم وعليهم السّلاح، وجاء الكتاميّون، فلما اجتمعوا بباب القصر خرج إليهم [أحد]«٣» الخدم وقال:
ليدخل من كلّ طائفة عشرة أنفس، فدخل جماعة، فقال لهم الوزير: