مولانا يقرئكم السّلام ويقول لكم: إذا كان مستهلّ شهر رمضان أمر بالنّفقة فيكم. فانصرفوا، وجلس قاضى القضاة عبد الحاكم يحلّف النّاس للمستنصر بالله. فلمّا استهلّ شهر رمضان أنفق فى الاشراف والكتاميّين والعرب والدّيلم وغيرهم لكلّ واحد منهم ثلث رزقه، فلم يرضوا بذلك.
ودامت النّفقة إلى العشر الأوسط من شوّال فتحالف الكتاميون والأتراك أن يكونوا عصبة واحدة فى طلب واجباتهم. واجتمعوا بباب القصر، فخرج إليهم الأمير أن احضروا بكرة الغد، فحضروا، وركب المستنصر إلى أن بلغ باب البحر «١» ، فرموه بالحجارة وصاحوا عليه، ورماه أحد العبيد بحربة فلم يصبه، فرمى نفسه عن دابّته ودخل من باب البحر إلى القصر. وانصرف النّاس، وعادوا بكرة نهار الغد، فدخل من كلّ طائفة مائة نفر، ووقع كلام كثير، وتقرّر فى آخر الأمر أن يحضروا [٦٣] البغاة منهم، وخرجوا على مثل ذلك؛ ثم عادوا بعد ذلك وتنصّلوا من ذنوبهم. وسكّن الوزير جميع الطّوائف، واختلف بنو قرّة مع كتامة بالجيزة، فأخرج الوزير عسكرا فأصلح بينهم، واستقرّت الأمور.
وركب المستنصر فى مستهلّ المحرّم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة من باب العيد «٢» إلى باب الذّهب «٣» ؛ ومشى النّاس كافّة بين يديه، والوزير راكب