ومرض إثر ذلك عزيز الدّولة ومات فاتّهم أبو سعيد أنّه سمّه. فلما كان فى يوم الأحد لثلاث خلون من جمادى الأولى ركب أبو سعيد من داره فى موكب عظيم وتوجّه إلى القصر على عادته، فاعترضه ثلاثة من الغلمان الأتراك واختلطوا فى الموكب وقتلوه. فاجتمعت الطّوائف إلى المستنصر بالله وقالوا:
نحن قتلناه. وقطّع لحمه، فاشترى أهله ما وصلوا إليه من أعضائه، وأحرق ما بقى، وضمّ أهله ما اشتروه منه فى تابوت وغطّوه بستر، وأوقدوا أمام التابوت الشموع ووضعوه فى بيت مفرد. وزرّوا البيت بالسّتور، فوصل لهب النّار إلى بعض السّتور فاحترق، وقويت النّار فأحرقت التّابوت بما فيه.
قال: وكان التّسترى قد زاد أذاه فى حقّ المسلمين حتى كانوا يحلفون:
وحقّ النّعمة على بنى إسرائيل.
ولما قتل ولى مكانه فى نظر ديوان والدة المستنصر بالله أبو محمد الحسن بن على بن عبد الرحمن اليازورى.
وحقدت والدة المستنصر بالله [٦٥] على الوزير الفلاحىّ وتحقّقت أنّه تسبّب فى قتله، فقبضت عليه وصرفته عن الوزارة فى هذه السّنة، واعتقلته بخزانة البنود «١» ؛ ثم قتل بعد ذلك «أبو منصور صدقة»«٢» ودفن بخزانة البنود، وذلك فى سنة أربعين وأربعمائة.