الحجّ، على سبيل الاستهزاء والتهكّم، ومعه الخمر فى الرّوايا بدلا عن الماء، يسقيه للنّاس كما يسقى الماء فى طريق مكّة [٦٧] ، شرّفها الله تعالى. فلمّا كان فى هذه السّنة خرج على عادته فى جمادى الآخرة؛ فاتّفق أن بعض الأتراك جرّد سيفا على سكر منه على بعض عبيد الشّراء، فاجتمع عليه طائفة من العبيد وقتلوه، فجاء الاتراك إلى المستنصر وقالوا: إن كان هذا عن رضاك فالسّمع والطاعة، وإنّ كان عن غير رضاك فلا نصبر عليه. فأنكر المستنصر ذلك؛ فاجتمع جماعة من الأتراك وقتلوا جماعة من العبيد بعد قتال شديد على كوم شريك «١» . وكانت والدة المستنصر تعين العبيد بالأموال والسّلاح، فاطّلع بعض الأتراك على ذلك، فجمع طائفة كثيرة من الأتراك ودخل على المستنصر بهم، وأغلظوا له فى الكلام؛ فحلف أنّه لم يكن عنده علم من ذلك. ودخل على والدته وأنكر عليها؛ وصار السّيف بين الطّائفتين. ثمّ سعى أبو الفرج بن المغربى، الّذى كان يلى الوزارة، وجماعة معه، فى الصّلح بين الطّائفتين، فاصطلحوا؛ ولم تصف طائفة منهم للأخرى.
ثمّ اجتمع العبيد وخرجوا إلى شبرا دمنهور «٢» فى جمع كثير.
وكان سبب كسرتهم أنّ والدة المستنصر لمّا قتل سيدها ووزيرها أبو سعيد التّسترى اليهودىّ غضبت لقتله، وشرعت فى شراء العبيد السّودان واستكثرت منهم، وجعلتهم طائفة لها؛ فاشتدّ أمرهم إلى أن صار العبد منهم يحكم