حكم الولاة. فلمّا ولى أبو البركات بن الجرجرائى أمرته أن يغرى العبيد بالأتراك، فخاف العاقبة فلم يفعل؛ فصرفته وولّت وزيرها اليازورى وأمرته بذلك، فلم يقبل منها، ودبّر الأمر وساسه إلى أن قتل. ووزر البابلىّ فأمرته بذلك، ففعل، ووقع بين الطائفتين.
قال: فلمّا خرج العبيد إلى شبرا دمنهور قويت شوكة الأتراك وطلبوا الزّيادات فى أرزاقهم إلى أن خلت الخزائن من الأموال وضعفت الدّولة، والعبيد على حال من الضرورة وهم يتزايدون عدّة، فتكامل منهم ما بين فارس وراجل خمسون ألفا.
فبعثت والدة المستنصر لقوّاد العبيد، فى سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وأغرتهم بالأتراك؛ فاجتمعوا ووصلوا إلى الجيزة، فخرج الأتراك لقتالهم، والمقدّم عليهم ناصر الدّولة الحسن «١» بن حمدان، فلقيهم فكسره العبيد ونهبوا عسكره، واشتغلوا بالنّهب، فعطف عليهم ابن حمدان وهزمهم إلى الصّعيد، وعاد إلى القاهرة وقد قويت شوكته.
ثمّ تجمّع العبيد فى الصّعيد فى خمسة عشر ألف فارس وراجل، فقلق الأتراك لذلك قلقا شديدا، وحضر المقدّمون إلى المستنصر ليشكوا ذلك إليه، فأمرت والدته من عندها من العبيد والخدم بالهجوم عليهم «٢» وقتل الأتراك، ففعلوا ذلك. وسمع ناصر الدّولة ابن حمدان بالخبر، فركب إلى ظاهر القاهرة واجتمع إليه من بقى من الأتراك ووقعت الحرب بينهم وبين العبيد المقيمين بمصر والقاهرة، ودامت بين الفريقين أيّاما. فانتصر ناصر