وخمسين وثلاثمائة إلى أن افتتحها الملك سليمان «١» بن شهاب الدين ولد قتلمش السلجقى، صاحب أقصرا وقونية وغير ذلك من بلاد الروم فى سنة سبع وسبعين وأربعمائة، على ما ذكرناه فى أخبار الدولة السّلجقية «٢» ، وبقيت فى يده إلى أن قتل. وتداولتها أيدى المتغلّبين من ملوك الإسلام وأمرائهم إلى أن استقرت بيد ياغى سيان وهو يخطب فيها للملك رضوان ابن تتش صاحب حلب، ولأخيه الملك دقاق صاحب دمشق.
فلمّا كان فى سنة تسعين وأربعمائة جمع بغدوين «٣» ملك الفرنج جمعا كثيرا من الفرنج، وكان تسيب رجار «٤» الفرنجى صاحب صقلّية، فأرسل إليه بغدوين يقول: قد جمعت جمعا كثيرا وأنا واصل إليك وسائر من عندك إلى إفريقية أفتحها وأكون مجاورا لك.
فجمع رجار أصحابه واستشارهم فقالوا كلّهم: هذا جيد لنا ولهم، وتصبح البلاد كلّها للنصرانية. فلمّا سمع رجار كلامهم وما اجتمعوا عليه، رفع رجله وحبق حبقة قوية، وقال: وحقّ دينى هذه خير من كلامكم.
قالوا: وكيف ذلك؟ قال إذا وصلوا إلىّ احتجت إلى كلفة كثيرة، ومراكب تحملهم إلى إفريقية، وعساكر من جهتى معهم، فإن فتحوا البلاد وكانت