شرف الدّين بزغش، أحد الأمراء المماليك النّوريّة، وكان شجاعا مقداما، وأنكر ذلك كلّ الإنكار، وامتنع من الموافقة، وقال: من خاف من الأسر أو القتل فلا يخدم الملوك «١» ويأكل رزقهم، ويكون فى بيته عند امرأته. وقال: والله لا نزال نقاتل إلى ان نقتل عن آخرنا أو ننتصر.
فوافقه أسد الدّين، وجمع عسكره ورتّبهم، وجعل أثقاله فى القلب ليكثر بها السّواد ولئلّا ينهبها أهل البلاد.
فبينما هم فى التّعبئة إذا بشاور والفرنج قد أقبلوا، ورتّبهم واقتتلوا، فكانت الهزيمة على شاور والفرنج «٢» وتوالت عليهم الحملات من العسكر الشّامى، فتمادت بهم الهزيمة إلى الجيزة، وشيركوه فى آثارهم. وقتل منهم خلق وغرق كثير منهم. وأسر أسد الدّين [١٠١] صاحب قيسارية «٣» .
ودخل شاور والفرنج إلى القاهرة، وملك أسد الدّين البرّ الغربى بكماله؛ وقصد الإسكندريّة ليحاصرها. فلمّا قرب منها خرج إليه أهلها وسلّموها إليه من غير ممانعة؛ وكان والى الثّغر يوم ذاك نجم الدّين بن مصال. فدخل شيركوه البلد، وأقام بها أيّاما قلائل، واستناب بها صلاح الدّين يوسف بن أبيه نجم الدّين أيوب، وتركه بها ومعه ألف فارس.
وتوجّه هو إلى الصّعيد فاستولى عليه، واستخرج أمواله؛ وصام شهر رمضان بمدينة قوص.
هذا وشاور يتجهّز للخروج ويرتّب أحواله وأحوال الفرنج ويرمّ ما تلف لهم. فلمّا تكامل ما يحتاج إليه قصد الإسكندريّة، فأخرج أهلها