للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عكّا فى منتصف الشّهر. فتخطّف المسلمون منهم فى مسيرهم وأخذوا من انفرد.

وجاء الخبر إلى السّلطان برحيلهم، فسار حتى قاربهم. ثمّ نزلوا على عكّا قبل وصوله إليها، ونازلوها من سائر جهاتها برّا وبحرا، فلم يبق للمسلمين إليها طريق. ونزل السّلطان عليهم وضرب خيمته على تلّ كيسان «١» وامتدّت ميمنته إلى تلّ العياضيّة وميسرته إلى النّهر الجارى «٢» ، ونزلت الأثقال بصفّوريّة. وسيّر الكتب إلى الأطراف يستدعى العساكر، فأتاه عسكر الموصل، وديار بكر، وسنجار، وغيرها من بلاد الجزيرة. وأتاه تقىّ الدّين ابن أخيه، ومظفّر الدّين بن زين الدين صاحب حرّان والرّها. فكانت الأمداد تأتى المسلمين فى البرّ وتأتى الفرنج فى البحر.

وكان بين الفريقين مدّة مقامهم على عكّا حروب كثيرة.

نحن نذكر المشهور منها على سبيل الاختصار؛ وأمّا الحروب التى تكون بين بعض هؤلاء وبعض هؤلاء، والمناوشات، فلو شرحناها لطال بها الكتاب لأن مدّة هذا الحصار كانت ثلاث سنين وشهرا.

وكان ابتداء القتال فى مستهل شعبان من السّنة. فقاتلهم السّلطان فى ذلك اليوم ولم يبلغ منهم غرضا؛ ثم باكرهم القتال واستدار عليهم من سائر جهاتهم إلى أن انتصف النّهار، وصبر الفريقان أعظم صبر. فحمل تقىّ الدّين من الميمنة على من يليه منهم وأزاحهم عن مواقفهم، فركب بعضهم بعضا لا يلوى الأخ على أخيه، والتجأوا إلى من يليهم من أصحابهم. وانكشف نصف البلد، وملك تقىّ الدّين مكانهم، ودخل