وكان العدوّ قد اصطنع ثلاثة أبرجة من الخشب والحديد كالجبال وألبسها الجلود المسقاة بالخل، فيسّر الله تعالى على المسلمين إحراقها، وذلك فى الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول.
قال: وكان السّلطان قد كتب إلى مصر بعمارة الأسطول وإحضاره إلى عكّا، فوصل فى يوم الخميس ثامن الشهر، فكانت الحرب فى هذا اليوم فى ثلاثة مواضع فى البحر، والحصار فى البحر، وكان النّصر بحمد الله للمسلمين.
هذا ما كان من أمر السّلطان لمّا بلغه خبر ملك الألمان.
وأما ملك الألمان فقال ابن الأثير فى تاريخه الكامل:
وفى سنة ست وثمانين وخمسمائة خرج ملك الألمان من بلاده، وهم طائفة من الفرنج من أكثرهم عددا وأشدّهم بأسا، وكان قد أزعجه ملك المسلمين البيت المقدّس، فجمع عساكره وسار بهم، وطريقه فى مسيره على القسطنطينيّة. فأرسل ملك الرّوم «١» بخبره إلى السّلطان، ووعده أنّه لا يمكّنه من العبور إلى بلاده. فلمّا وصل ملك الألمان إلى القسطنطينيّة عجز ملكها عن منعه من العبور لكثرة جموعه، لكنّه منع عنهم الميرة، فقلّت أزواده؛ وساروا حتّى عبروا خليج القسطنطينية، وصاروا على أرض بلاد الإسلام، وهى مملكة الملك قلج أرسلان بن مسعود السلجقى «٢» . فلمّا وصلوا إلى أوائلها ثار عليهم التّركمان [فما زالوا]«٣» يسايرونهم، فيقتلون من انفرد منهم ويسرقون ما قدروا