عليه؛ فنالهم لذلك مشقّة عظيمة، وهلك كثير منهم من الجوع والبرد وكثرة الثّلوج.
فلمّا قاربوا مدينة قونية خرج إليهم الملك قطب الدين ملكشاه بن قلج أرسلان [ليمنعهم]«١» فعجز عن ذلك، فعاد إلى قونية، فأسرعوا السّير فى أثره فنازلوا قونية وأرسلوا إليه هدية وطلبوا منه أن يأذن للرّعيّة فى بيع الأقوات عليهم، فأذن فى ذلك.
وطلبوا من الملك قطب الدّين أن يأمر رعيّته بالكفّ عنهم وأن يجهّز معهم جماعة من أمرائه رهائن، فخافهم، وسلّم إليهم نيّفا وعشرين أميرا كان يكرههم. فساروا بهم معهم، ولم يمتنع اللّصوص وغيرهم من أذاهم؛ فقبض ملك الألمان على من معه من الأمراء وقيّدهم، فمنهم من مات فى أسره ومنهم من فدى نفسه «٢» .
قال ابن شدّاد: وأعوزهم الزّاد وعراهم جوع عظيم، وعجزوا عن حمل أقمشتهم، فجمعوا عددا كثيرة وسلاحا [١٣١] وجعلوا ذلك بيدرا «٣» وأضرموا فيه النّار، لعجزهم عن حمله، ولئلّا ينتفع به غيرهم.
قال: وبقيت بعد ذلك رابية من حديد «٤» .
قال ابن الأثير: ثمّ سار إلى أن أتى إلى بلاد الأرمن، وصاحبها يومئذ لافون «٥» بن اصطفانه بن ليون الأرمنى، فأمدّهم بالأقوات والعلوفات، وحكّمهم فى بلاده، وأظهر الطّاعة لهم. ثمّ سار إلى