أنطاكيّة، وكان فى طريقهم نهر «١» فنزلوا عنده، وعبر ملكهم إليه ليغتسل فيه، فغرق فى مكان لا يبلغ الماء وسط الرّجل فيه. وكفى الله شرّه «٢» .
وقال ابن شدّاد: إنه لمّا وصل إلى طرسوس سبح فى النّهر فمرض من شدّة برد الماء فمات؛ ولمّا مات سلقوه فى خلّ وجمعوا عظامه فى كيس ليحملوها إلى القدس ويدفنوها به «٣» .
قال ابن الأثير: وكان معه ولد كبير فملك بعده وسار إلى أنطاكية، فاختلف أصحابه عليه؛ وأحبّ بعضهم العود إلى بلاده فتخلّف عنه، ومال بعضهم إلى تمليك أخ له فعاد أيضا، وسار هو فيمن بقى معه، فعرضهم، وكانوا نيّفا وأربعين ألفا وقع فيهم الوباء والموت، فوصلوا إلى أنطاكيّة وكأنّهم قد نبشوا من القبور فتبرّم بهم صاحبها وحسّن لهم المسير إلى عكّا. فساروا على اللاذقية وجبلة وغيرهما من البلاد التى ملكها المسلمون؛ وخرج أهل حلب وغيرها إليهم وأسروا منهم خلقا كثيرا، ومات أكثر ممّن أسر «٤» .
قال: وبلغوا إلى طرابلس وأقاموا بها أيّاما فكثر فيهم الموت، فلم يبق منهم إلّا نحو ألف رجل، فركبوا فى البحر إلى الفرنج الذين على عكّا.
ولمّا وصلوا ورأوا ما نالهم فى طريقهم وما هم فيه من الاختلاف عادوا إلى بلادهم، فغرقت بهم المراكب، فلم ينج منهم أحد «٥» .