مستهل شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة [فى]«١» ثلاثة آلاف فارس. ثمّ برز الملك العزيز فى يوم الثّلاثاء، رابع الشهر، وظاهر خروجه وداعه لعمّه الملك العادل، وحث العساكر المجرّدة على الخروج.
وأقام ببركة الجبّ.
فلمّا كان فى العشرين من الشّهر اتّصل بالملك العادل عن الملك الأفضل أنّه كاتب الأسديّة، وأنّه قبض على أموال كانت للعادل بدمشق، وأطلق رهائن كانت عند نوّابه، وأنّه وافق الظاهر صاحب حلب؛ فقرّر مع الملك العزيز أن يتوجّها جميعا ويأخذا دمشق من الأفضل وحلب من الظّاهر، فاتّفقا على ذلك وعقدا بينهما يمينا.
وشرع الملك العزيز فى تجهيز رجال الحلقة والأعيان، ورحل هو وعمّه الملك العادل من البركة فى يوم الثّلاثاء ثامن جمادى الأولى، فحصل للعادل ضعف فى هذا النّهار منعه عن الحركة. وكان وصولهما إلى بلبيس فى سابع عشر الشهر، وكملت صحّة العادل فى العشرين من الشهر، وسار إلى الشام على مهل ورفق.
فلمّا تحقّق الملك الأفضل قصدهما لبلاده استشار شيوخ دولته، فأشاروا عليه أن يستقبل أخاه وعمه ويسلّم لهما الأمر؛ وأشار وزيره ضياء الدّين ابن الأثير الجزرى بالتّصميم والمخالفة، فرجع إلى رأيه، وحصّن البلد، وفرّق الأمراء على الأسوار. فلمّا رأى شيوخ الدولة وأكابرها أنّه لم يرجع إليهم واعتمد على رأى وزيره راسلوا الملك العزيز والملك العادل فى انتهاز الفرصة؛ فركبا بعساكرهما وتأهّبا فى يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر رجب وخرج أهل دمشق لقتالهم؛ والتقوا فى السّابع والعشرين من الشّهر. فلم يكن بأسرع من انهزام العسكر