ويقول: لا بد أن أمكّنك من الأعز، وهو لا يزداد إلا غضبا وإساءة فى الجواب. فإذا عاد رسول السلطان إليه، لا يمكنه مخاطبته بما قاله الصاحب، ويغالط فى الجواب. فأرسل السلطان بعض الأمراء إلى الصاحب برسالة، ومعه أحد مماليكه، وقال له احفظ ما يقوله الصاحب، وأعده علىّ. فكان من جملة قول الصاحب: والله لا كتبت والأعز يكتب معى أبدا. فعند ذلك، خرج السلطان على ابنه الكامل وانتهره، وأغلظ فى القول، وقال: يسلّم الأعز إلى الصاحب فى هذه الساعة!.
فلما عاد الكامل إلى القلعة، تلقاه الأعز على عادته. فقال: قد أمر السلطان بتسليمك للصاحب، وخرج علىّ بسببك، وعجزت عن حمايتك.
فقال له الأعز: يا مولانا، والله عداوتى للصاحب بسببك! وهو أنه كاتبنى فى حقك أنه لا بد أن يعمل على صرفك من مملكة الديار المصرية، وأن يجعل عوضا عنك الأشرف موسى. وهذه كتبه إلىّ. فلما وقف الكامل على الكتب كان من جملة ما تضمنته:«وأما هذا المجنون- يشير إلى الكامل- فلا بد من صرفه، وإحضار الأشرف إلى الدّيار المصرية» . وتضمنت من سبه وشتمه كثيرا.
فعاد الكامل للعادل، والكتب معه، وجاء فى غير الوقت المعتاد.
فقال له العادل: ما جاء بك الآن؟ فقال: هذا الصاحب يريد أن يوقع بين السلطان وأولاده، وبين الإخوة. هذه كتبه للأعز، وعداوته بسببها. فلما وقف العادل عليها، عظم عليه سبه لابنه- وكان العادل يدارى جميع أولاده، خوفا أن يقوم أحدهم عليه، فتنخرق حرمته- فقال نعزله، ولا يسلّم إليه الأعز. ويكتب الأعز وحده.