بمعنى أنه أمين، ليس فيه ما يقال كما قيل فى غيره! فغضب الصاحب لذلك وانتهره، لإساءته فى مجلسه بالضحك.
فأسرع الأعز فى القيام إلى داره. فلما قام، قال بعض من حضر للصاحب: لا تأمنه من سوء يكيدك به. وأغروه به، فأمر باحضاره. فلما جاءه الرسول، علم أنه إن وقع فى يده لا يأمنه على نفسه. فتسّور من مكان فى داره، وطلع إلى القلعة، واحتمى بالكامل. فلما سمع الصاحب بذلك طلبه من الكامل، فدافعه به. فغضب واجتمع بالملك العادل، وقال: ان الأعز لزمه حساب، وقد أحماه الكامل علينا. وكرر عليه القول. فتحدث العادل مع ابنه الكامل فى ذلك، فقال: يصلح بينهما. وقصد الكامل بذلك مدافعة الأيام، ليقع سفر العادل إلى الشام معه، فيسكن ما عند الصاحب منه، فلم يزده ذلك إلا حنقا.
فلما كان فى آخر ذى الحجة- سنة ثمان وستمائة- ركب الكامل إلى دار الوزارة، وحضر مجلس الوزير، والأعز معه، وأصلح بينهما. فاصطلحا ظاهرا، والبواطن بخلاف ذلك. وقصد الصاحب أن الأعز إذا انصرف إلى داره، قبض عليه، فلم يفارق الأعز الخدمة الكاملية بالقلعة. فازداد الصاحب حنقا عليه، وتحدث مع العادل أن يعزله عن نظر الدواوين.
فتوقف السلطان فى ذلك.
وتمادى الأمر، إلى آخر صفر. فامتنع الصاحب من الكتابة على المناشير والتّواقيع، وحلف أنه لا يباشر والأعزّ يكتب معه أيدا. فتعطلت أحوال الناس، وشكوا ذلك إلى السلطان. فأرسل إلى الصاحب بروضه،