للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مال يخلّفه الفتى ... للشامتين من العدا

خير له من قصده ... إخوانه مسيرفدا

وقال سفيان الثّورىّ: لأن أخلّف عشرة آلاف درهم أحاسب عليها، أحب إلىّ من أن أحتاج إلى الناس؛ وقال: كان المال فيما مضى يكره، وأما اليوم فهو يزين المؤمن؛ وجاءه رجل فقال له: يا أبا عبد الله، تمسك هذه الدنانير! فقال:

اسكت، فلولاها لتمندلتنا هؤلاء الملوك، ولكن من كان في يده منها شىء فليصلحه، فإنه زمان من احتاج فيه كان أوّل ما يبذل دينه.

وقال المنصور لمحمد بن مروان التميمىّ: إنك لسيد لولا جمود فيك، فقال:

يا أمير المؤمنين، إنى لأجمد في الحق، ولا أذوب في الباطل.

وكان محمد بن الجهم يقول: من وهب من عمله، فهو أحمق، ومن وهب بعد العزل، فهو مجنون، ومن وهب من جوائز ملوكه أو ميراثه، فهو مخذول، ومن وهب من كسبه وما استفاده بحيلة، فهو المطبوع على قلبه، المأخوذ ببصره وسمعه.

وسأل رجل زياد بن أبيه، فأعطاه درهما، فقال: صاحب العراقين أسأله فيعطينى درهما؟ فقال له زياد: من بيده خزائن السموات والأرض ربما رزق أخصّ عباده عنده وأكرمهم لديه التمرة واللقمة، وما يكبر عندى أن أصل رجلا بمائة ألف درهم، ولا يصغر أن أعطى سائلا رغيفا، إن كان ربّ العالمين فعل ذلك.

قال الشاعر

يا ربّ جود جرّ فقر امرىء ... فقام للناس مقام الذليل

فاشدد عرى مالك واستبقه ... فالبخل خير من سؤال البخيل