وكان فى أيام الفتح مع الفرنج يرتب النيران على الجبال، من باب نابلس إلى عكّا. وله جماعة على جبل الكرمل- المقابل لعكا- عليه المنورون، وبينهم وبين الجواسيس علامات. وله فى عكا أصحاب أخبار- وأكثرهم نساء الخيّالة- وكانت طاقات بيوتهم مقابلة الكرمل- فإذا عزم الفرنج على الإغارة فتحت المرأة طاقتها. فإن كان يخرج مائة فارس، أوقدت شمعة واحدة. وإن كانوا مائتين، أوقدت شمعتين. وتشير بالنار إلى الجهة التى يقصد الفرنج الإغارة عليها. وكان الفرنج لا يقصدون جهة، إلا يجدون عسكر المعظم قد سبقهم إليها. وكان يعطى النساء الجواسيس فى كل فتح جملة كثيرة.
قال الشيخ أبو المظفر، يوسف سبط ابن الجوزى: قلت للملك المعظم فى بعض الأيام: هذا إسراف فى بيوت الأموال. فقال: أنا أستفتيك:
لما أن عزم الأنبرور على الخروج إلى الشام، أراد أن يخرج من عكا بغتة، ويسير إلى باب دمشق، فبعث فارسا عظيما، وقال له: أخف أمرنا ومجيئنا إلى البلاد لنغير بغتة. وكان بعكا إمرأة مستحسنة، فكتبت إلىّ تخبرنى الخبر. فبعثت إليها ثيابا ملوّنة، ومقانع «١» وعنبرا، فلبست ذلك، واجتمعت بذلك الفارس. فدهش، وقال: من أين لك هذا؟ فقالت: من عند