صديق لى من المسلمين. فقال: من هو؟ فقالت: الكريدى. فصلّب «١» على وجهه، وقام فخرج من عندها. فمازالت تلك المرأة تتلطف به، حتى تسحب المودة بينى وبينه. فصرت أهاديه، حتى كان يبعث إلىّ كتب الأنبرور التى يبعثها إليه، مختومة. وأرسل إليه، فيكتب ما أقول. فأنا أدارى عن المسلمين بهذا القدر اليسير، وأفدى به الخطير، فإن الأنبرور لو جاء بغتة، أسر من أهل الشام، وساق من مواشيهم وأموالهم ما لا يحصى قيمته.
وكان الملك المعظم- رحمه الله- قد أمر الفقهاء أن يجرّدوا «٢» له مذهب أبى حنيفة، دون صاحبيه. فجّردوا له المذهب فى عشر مجلّدات، وسماه التّذكرة. فكان لا يفارقه سفرا ولا حضرا، ويديم مطالعته. ويكتب على كل مجلّد: أنهاه- حفظا- عيسى بن أبى بكر بن أيوب. قال أبو المظفر:
فقلت له: ربما تؤخذ عليك، لأن أكبر مدرس فى الشام يحفظ القدورى «٣» مع تفرّغه، وأنت مشغول بتدبير الملك. فقال: ليس الاعتبار بالألفاظ، وإنما الاعتبار بالمعانى. باسم الله، سلونى عن جميع مسائلها