للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأبغض أهل البيت ينفقون نفقة الأيام في اليوم الواحد، وكان أبو الأسود الدّؤلىّ يقول لولده: إذا بسط الله لك في الرزق فابسط، وإذا قبض فاقبض، وعبتمونى حين قلت: إن فضل الغنى عن القوت، إنّما هو كفضل الآلة تكون في البيت، إن احتيج إليها استعملت، وإن استغنى عنها كانت عدّة، وقد قال الحصين بن المنذر:

وددت أن لى مثل أحد ذهبا لا أنتفع منه بشىء، قيل له: فما كنت تصنع به؟

قال: لكثرة من كان يخدمنى عليه، لأن المال مخدوم، وقال بعض الحكماء: عليك بطلب الغنى، فلو لم يكن فيه إلا أنه عزّ في قلبك، وذلّ في قلب عدوّك، لكان الحظّ فيه جسيما، والنفع عظيما، ولسنا ندع سيرة الأنبياء، وتأدّب الخلفاء، وتعليم الحكماء، لأصحاب الهوى، فلستم علىّ تردّون، ولا رأيى تفنّدون، فقدّموا النظر قبل العزم، وأدركوا ما عليكم من قبل أن تدركوا مالكم، والسلام.

ومن نوادر البخلاء، قال رجل لبعض البخلاء: لم لا تدعونى إلى طعامك؟

قال: لأنك جيّد المضغ سريع البلع، إذا أكلت لقمة هيّأت أخرى، قال: يا أخى أتريد إذا أكلت عندك أن أصلّى ركعتين بين كلّ لقمتين؟.

وقال آخر لبخيل: لم لا تدعونى إلى طعامك؟ قال: لأنك تعلّق، وتشدّق، وتحدق، أى تحمل واحدة في يدك، وأخرى في شدقك، وتنظر إلى الأخرى بعينك.

وقال بعض البخلاء: أنا لا آكل إلا نصف الليل، قيل له: ولم؟ قال يبرد الماء، وينقمع الذّباب، وآمن فجأة الداخل، وصرخة السائل.