للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدكم آفة، لم يرجع إلى ثقة، فاحذروا النّقم، باختلاف الأمكنة، فإن البلية لا تجرى فى الجميع، وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه في العبد، والأمة، والشاة، والبعير: فرّقوا بين المنايا، واجعلوا الرأس رأسين، وقال ابن سيرين [لبعض البحريين «١» ] :

كيف تصنعون في أموالكم؟ قالوا: نفرّقها في السفن، فإن عطب بعض، سلم بعض، ولولا أن السلامة أكثر، ما حملنا أموالنا في البحر، فقال ابن سيرين: تحسبها خرقاء وهى صناع، وعبتمونى بأن قلت لكم عند إشفاقى عليكم: إن للغنى سكرا، والمال نزوة، فمن لم يحفظ الغنى من سكره، فقد أضاعه، ومن لم يرتبط المال لخوف الفقر فقد أهمله، فعبتمونى بذلك، وقد قال زيد بن جبلة: ليس أحد أقصر عقلا، من غنىّ أمن الفقر، وسكر الغنى أشدّ من سكر الخمر، وقد قال الشاعر في يحيى ابن خالد

وهو تلاد المال فيما ينوبه ... منوع إذا ما منعه كان أحزما

وعبتمونى حين زعمتم، أنّى أقدّم المال على العلم، لأن المال به يفاد العلم، وبه تقوم النفس، قبل أن يعرف فضل العلم؛ فهو أصل، والأصل أحقّ بالتفضيل من الفرع، فقلتم، كيف هذا؟ وقد قيل لبعض الحكماء: الأغنياء أفضل أم العلماء؟

فقال: العلماء، قيل له: فما بال العلماء يأتون أبواب الأغنياء، أكثر مما يأتى الأغنياء أبواب العلماء؟ قال: ذلك لمعرفة العلماء بحقّ المال، وجهل الأغنياء بحقّ العلم، فقلت: حالهما هى القاضية بينهما، وكيف يستوى شىء حاجة العلماء إليه، وشىء يغنى فيه بعضهم عن بعض، وكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم يأمر الأغنياء باتّخاذ الغنم، والفقراء باتّخاذ الدّجاج، وقال أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه: إنى