ولقد كنت يوما قاعدا فى هذه الطّيّارة، فدخل الخادم فقال: على الباب امرأة عجوز، تذكر أنها من عند بنت شاه أرمن- صاحب خلاط.
فأذنت لها، فدخلت، ومعها ورقة من عند بنت صاحب خلاط، تذكر أن الحاجب «علىّ»«١» قد أخذ ضيعتها وقصد هلاكها، وما تتجاسر أن تظهر، خوفا منه. فكتبت على الورقة بإطلاق القرية، ونهيت الحاجب عنها.
فقالت العجوز: هى تسأل الحضور بين يديك، فعندها سرّ ما يمكن ذكره إلا للسلطان! فأذنت لها. فتوجّهت وعادت بعد ساعة، ومعها امرأة ما رأيت فى الدنيا أحسن من قدّها، ولا أظرف من شكلها، كأن الشمس تحت نقابها! فخدمت ووقفت. فقمت لها وقلت: وأنت فى هذا البلد، وما علمت بك؟! فسفرت عن وجهها فأضاءت منه المنظرة! فقلت: غطّ وجهك، وأخبرينى بحالك.
فقالت: أنا بنت شاه أرمن، صاحب هذه البلاد. مات أبى، واستولى بكتمر على الممالك، وتغيرت الدّول، وكانت لى ضيعة أعيش منها، أخذها الحاجب «علىّ» وما أعيش إلا من عمل النّقش، وأنا ساكنة فى دار بالأجرة! قال: فبكيت، وأمرت الخادم أن يكتب لها توقيعا بالضّيعة وبالوصيّة، وأمرت لها بقماش من الخزانة، وأمرت لها بدار تصلح لسكنها، وقلت باسم الله، امضى فى حفظ الله ودعته.