وقال: لعماد الدين بن موسك أحضر لى الوديعة. فقام، وعاد وعلى رأسه مئزر صوف أبيض تلوح منه الأنوار، ففتحه وإذا فيه خرق الفقراء وطواقى الأولياء، وفيه إزار عتيق ما يساوى خمسة قراطيس. فقال يكون هذا على جسدى أتقى به حرّ الوطيس، فان صاحبه كان من الأبدال وكان حبشيّا، أقام بحبل الرّها يزرع قطعة زعفران يتقوت بها، وكنت أصعد إليه وأزوره، وأعرض عليه المال فلا يقبله، فسألته شيئا من أثره أجعله فى كفنى، فأعطانى هذا الإزار، وقال قد أحرمت فيه عشرين حجّة. وكان آخر كلامه: لا إله إلا الله. ثم مات فى التاريخ المذكور.
قال أبو المظفر: ولما أحسّ بوفاته فى آخر سنة أربع وثلاثين، قلت له:
استعد للقاء الله فما يضيرك، قال: لا والله بل ينفعنى. ففرّق البلاد، وأعتق مائتى مملوك وجارية. ووقف دار فرّخشاه، التى يقال لها دار السعادة، وبستان النّيرب «١» على ابنته. وأوصى لها بجميع الجواهر.
قال أبو المظفر: وحكى لى الفقيه محمد اليونانى «٢» ، قال: حكى لى فقير صالح من جبل لبنان.، قال: لما مات الأشرف رايته فى المنام وعليه ثياب خضر، وهو يطير بين السماء والأرض، مع جماعة من الأولياء. فقلت له يا موسى، إيش تعمل مع هؤلاء، وانت كنت تفعل فى الدنيا وتصنع؟
فالتفت إلى وتبسم، وقال: الجسد الذى كان يفعل تلك الأفاعيل تركناه عندكم، والروح التى كانت تحب هؤلاء قد صارت معهم- رحمه الله تعالى.