للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما اشترى دار قايماز النّجمى، وجعلها دار حديث، ترك النعل فيها، ونقل إليها الكتب الثمينة، وأوقف عليها الأوقاف. وعمر غيرها من الأماكن الشريفة: منها مسجد أبى الدّرداء بقلعة دمشق- بناه وزخرفه- وكان غالب إقامته به. والمسجد الذى عند باب النصر، وجامع العقيبة ومسجدا خارج باب الصغير ومسجد القصب خارج باب السلامة، وجامع بيت الآبار. ووقف على ذلك الأوقاف الكثيرة. وزاد وقف دار الحديث النّوريّة.

هذا وتربته بالكّلّاسة بدمشق، وتربة والدته بالقرافة بمصر. وبنى أيضا ببلاد الشرق وخلاط خانات السبيل.

وكان- رحمه الله تعالى- حسن الظن بالفقراء، يحسن إليهم ويزورهم ويتفقدهم بالمال والأطعمة. وكان فى ليالى شهر رمضان لا يغلق باب قلعة دمشق، ويرسل فى الليل جفان الحلو إلى الجامع والزوايا والرّبط، ما قرب منه وما بعد.

وكان ابتداء مرضه فى شهر رجب، سنة أربع وثلاثين وستمائة، مرضين مختلفين فى الأعالى والأسافل. وكان الحرائحى يخرج العظام من رأسه، وهو يسبّح الله ويحمده ثم اشتد به الذّرب، فلما يئس من نفسه قال لوزيره- جمال الدين بن جرير-: فى أى شى تكفننى؟ فقال: حاشاك! فقال دعنى من هذا، فما بقى فى قوّة يحملنى أكثر من نهار غد، وتوارونى. فقال فى الخزانة تصافى. فقال: حاش لله أن أكفن من هذه الخزانة.