وقطع الملك الكامل عنها المياه. وردّ ماء بردى «١» إلى ثورا «٢» . وشدد الحصار، فغلت الأسعار. وسد الصالح أبواب دمشق، إلا بابى الفرج والنصر. وتقدم الملك الناصر داود إلى باب توما، وعمل النّقوب فيه. ولم يبق إلا فتح البلد.
فأرسل الملك الكامل إليه فخر الدين بن الشيخ، فرده عنها، ورحّله إلى أرض برزه. «٣» وأحرق الصالح إسماعيل قصر حجّاج والشّاغور، وأخرب ظاهر دمشق خرابا لم يعهد مثله. واحترق جماعة من سكان هذه الجهات فى دورهم، ومن سلم منهم لم يبق له ما يرجع إليه إلا الكدية وسؤال الناس.
وحكى أن الصالح- أو ابنه- وقف على العقيبة «٤» ، وقال للزّرّاقين «٥» أحرقوها، فضربوها بالناس. وكان لرجل من سكانها عشر بنات، فقال لهن: اخرجن، فقلن لا والله، النار ولا العار، ما نفتضح بين الناس! فاحترقت الدار وهم فيها، فاحترقوا. وجرى من الخراب بظاهر دمشق ما لم يحر مثله قبل ذلك.