ثم راسل الملك الصالح أخاه الملك الكامل يقول: بلغنى أنك تعطى دمشق للملك الناصر داود وأنت أحق بها، وان أنت لم تعطنى ما أريد، وإلا ضربت قوارير النّفط فى أربع جوانب دمشق وأحرقتها، وأحرقت قلعتها، وأخرّبها خرابا لا تعمر بعده أبدا. فعلم الملك الكامل من جرأته أنه يفعل، فأعطاه ما طلب.
ودخل بينهما الشيخ محيى الدين بن الجوزى- رسول الخليفة- وكان بدمشق- فوقع الاتفاق والصلح على أن الملك الكامل أقرّ بيد أخيه الملك الصالح بصرى «١» والسّواد «٢» ، وأعطاه بعلبك وأعمالها. ولو طلب أكبر من ذلك أعطاه، خوفا من أن يحرق دمشق.
وتسلم الملك الكامل دمشق، ودخلها فى عاشر جمادى الأولى- وقيل فى أواخر الشهر المذكور. وأفرج عن الفلك المسيرى، وكان الملك الأشرف قد اعتقله فى حبس الحيّات. ولما دخل الملك الكامل إلى دار رضوان بقلعة دمشق، رأى قبر أخيه الأشرف فرفسه برجله وسبّه، وقال انقلوه الساعة.
فنقلوه إلى الكلّاسة.
ولما ملك الملك الكامل دمشق، عزم على قصد حمص، لاتفاق صاحبها الملك المجاهد شيركوه، فيما مضى، مع الأشرف. فصالحه الملك المجاهد على أن يحمل إلى خزانته ألف درهم، ودخل عليه بالنساء، فأجاب الملك إلى ذلك. ومات الكامل قبل حمل المال.