على أن أحلّنا في منازل السادات، أرفع الدرجات، وأحلّ لنا من الأطعمة الفائقة الطيّبات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تهدينا إلى المقام الرفيع، وتخصنا بالمحل الجسيم المنيع، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رب المكارم الجسام، ومعدن الجسارة والإقدام، الجامع بين فضيلتى الطعان والطعام، صلى الله عليه وعلى آله أهل السماحة والكرم والإكرام، صلاة تحلّ قائلها في غرفات الجنان في دار السلام، وبعد، فإن صناعة التطفيل صناعة مهوبة، وحرفة هى عند الظرفاء محبوبة، لا يلبس شعارها إلا كلّ مقدام، ولا يرفع خافق علمها إلا من عدّ في حرفته من الأعلام، ولا يتلو أساطير شهامتها إلا من ارتضع أفاويق الصّفاقة، ولا يهتدى لمنار علائها إلا من نزع عن منكبيه رداء الرّقاعة والحماقة، وكنت والفود غدافىّ الإهاب، والغصن ريّان من ماء الشباب، والقدّ يميس في حلّة النشاط، والقدم تذرع الأرض ذرع الاختباط، لا يقام سوق وليمة إلا وأنا الساعى إليها، ولا ترفع أعلام نار مأدبة إلا وكنت الواقف لديها، أتخذ الدروب شباكا للاصطياد، وحبائل أبلغ بها لذيذ الازدراد، قد جعلت المعطس حليف الهواء، والقلب نزيل الأهواء، فحيث عبقت روائح الأبازير من أعالى تلك القصور، وتمندلت تلك الشوارع بزعفران البرم والقدور، ألقيت عصا المسير على الباب، وخلبت بحسن أدبى قلب البواب، وأوسعت في وصولى ألف حيله، وجعلتها على ما عندى من حسن فنونها مخيله، فلا دعوة، إلا وكنت عليهم دعوة، ولا وليمة ختان، إلا وقد طلعت على أرجائها مثل الجان، ولا سماط تأنيب، إلا وكنت إليه الساعى المنيب، ولا مجمع ضيافة، إلا وكنت عليه أشد آفة، ولا ملاك عرس مشهود، إلا وانتظمت في سلك الشهود، يحسن فيّ قول القائل