للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تبق هنا لك معتبة، تقدّم رافعا لهم الستور، ومعرّفا بمقدار أولئك الصدور، فالأضياف، يعتقدون أنك غلام المضياف، وربّ الحلّة، يعتقد أنك رفيق السادة الجلّة، وإن ولجت مجتمع ختان، وقد نصبت فيه موائد الألوان، وذرفنت الأبواب، واكفهرّت وجوه الحجّاب، فاجعل تحت ضبنك المجمع، واخدع قلوبهم فمثلك من يخدع، وقل: رفيق الأستاذ ومعينه، ورجله التى يسعى بها بل يمينه، فحينئذ ترفع الستور، وتقدّم لك أطايب القدور، وإن رماك القدر على باب غفل عنه صاحبه، وسها في غلقه حاجبه، وقد مدّوا في أوانيه سماطا، وجعلوا لأوائل من يقدمه فراطا، وقد تقاربت الزبادى، وامتدت الأيادى، ورأيت السّماط روضة تخالفت ألوانها، وامتدّت أفنانها، والموائد فيما بينها أفلاك تدور بصحونها، بل بروج ثابتة تشعر بسكونها، فلج على غفلة من الرقيب، وابسط بنان الأكل وكفّ لسان المجيب، فإن قيل لك: أما غلق دونك باب؟ فقل: ما على الكرماء من حجاب، وإيّاك والإطالة على الموائد، فإنها مصايد الشوارد، وإياك والقذارة عليها، فإنها إمارة الحرمان لديها، وإن وقعت على وليمة كثيرة الطعام، قليلة الازدحام، كبّر اللقمة ولا تطل علكها، ومر الفكّ في سرعة أن يفكّها، فإنك ما تدرى ما تحدث الليالى والأيام، خيفة أن يعثر عليك بعض الأقوام، فتكتسى حلّة الخجل، وتظهر على وجهك صفرة الوجل، واجعل من آدابك، تطلعك الى أثوابك، ولا ترفع لمستجلّ وجها وجيها، وقل لمن يحادثك: إليه ولا تقل: إيها، وجاوب بنعم، فإنها معينة على اللّقم، واجعل لكل مقام ما يناسبه من الحيلة، ومل على أهل الولائم والمآدب ميلة وأىّ ميلة، واسأل عمن ورث من آبائه مالا، وقد جمعه بوعثاء السفر وعنائه حراما وحلالا، أهل يعقد مقاما؟ أم يبلغ من دنياه بالقصف مراما؟ فإن قيل: فلان الفلانىّ ربّ