للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلبها، واجعلها حاكمة على جميع أمورك وأموالك. ولا يبدو منك كلمة تضيّق صدرها، ولا توجع لها قلبا أبدا، ولا من يتعلق بسببها، ولا من يضيق صدرها بسببه.

ولا تخرج عن رأيها وتدبيرها. وهذه وصيتى فلا تخالف أمرى.

واخدمها كما تخدمنى، واحترمها كما تحترمنى. ولا تجعل على يدها يد.

والوصية بجميع العيال، أحسن إليهم فلهم علىّ خدمة. ولا تقصّر فى حق الصغير منهم والكبير. واحفظ وصيتى، فمتى خالفتنى يروح منك الملك، وتكون عاقّا لى. وكتبت هذه الوصية ولم يطلع عليها أحد، لئلا تضيق صدورهم. وكتبتها فى مدة طويلة.

واعلم يا ولدى أن الملك فى ابتداء ملكه كمثل الشّجرة فى ابتداء طلوعها، فيأتى ريح يهب عليها يحرّكها، وربما يقلعها من أصلها. فإذا مضت عليها الأيام والسنين قوى أصلها، واشتد ساقها، فلا تحركها الرياح العواصف. فاعلم يا ولدى إشارتى، وتنبّه لغرضى. وإن ضاق صدرك من شخص فاحتمله، وأحسن إليه تحسن سيرتك، ويحبّك عدوّك. ولا تعجل بالعقوبة. واعلم أن الناس أعداء لبعضهم البعض، فلا تسمع كلام أحد دون أن تقابل بينه وبين خصمه، ولو أتاك مقطوع اليد. فربما خصمه أسوأ حالا منه. فإذا عرف هذا منك، تقلّ الشّكاوى والرّفاعات «١» ، ويستريخ خاطرك.