للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذى أعرّفك به يا ولدى: لمّا نزل العدوّ على زمن الشّهيد «١» - رحمه الله- على دمياط، ما كان فيها سوى الوالى والكنانيّة، وأهلها حفظوها إلى أن وصل الشّهيد من القاهرة، وعسكر مصر من الشام. وما قدر العدو ينزل برّ دمياط، وما كان فيها ذخيرة شهر واحد.

فلما اختلف العسكر على الشّهيد- رحمه الله- وتحزّبوا- مثل ابن المشطوب «٢» والأكراد- مع الملك الفائز، غضب الشّهيد، وساق إلى أشموم. وتبعه العساكر، وتركوا جميع الخيم والقماش. وخرج من دمياط من خرج، والوالى.

وما بقى فيها إلا أهلها. وغلّقوها وقعدوا فيها وحفظوها، إلى أن مات أكثر من فيها والباقى تكشّحوا، وخلت الأصوار من المقاتلين. فصعدت الفرنج وأخذتها، بعد أن تعبوا من النّقوب من تحت الأرض، وشربوا بالبتاتى، والزحف عليها من جميع الجهات، وما قدروا يأخذوها.

وأنا قويّت دمياط، وملأتها ذخائر من كل شىء، يكفيها عشرين سنة، مع ما كان عند أهلها من الذخائر. واكشف من الديوان يعرّفوك ما كان فيها من الخيرات. وقويّتها بجميع عسكر الديار المصرية، من فارس وراجل، ونقدى، وما خليت لها عذر، حتى بقيت وحدى فى أشموم بسبب المرض.