للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أن أقبل العدو وشاهدوه وطلبوا البرّ بالحراريق، انهزموا وسلّموا لهم البرّ، واشتغلوا بالنساء ونقلهم من دمياط، وهربت العوامّ وتبعهم الأجناد.

وكان المقدّم عليهم الأخ فخر الدين ساق خلفهم وردّهم، وجعل على أبواب دمياط كل باب أمير. فلما أصبح، ما وجد فى المدينة أحد. هربوا الكنانية فى الليل، وكسروا الخوخ «١» ونزلوا من السّور، وتركوا أموالهم وذخائرهم نهبوها المسلمين بعضهم بعض. وأخلوا دمياط، حتى أخذتها الفرنج ثانى يوم. وهذا كله بقضاء الله وقدره.. واصبر تنال ما تريد.

وهذا العدو المخذول، إن عجزت عنه، وخرجوا من دمياط وقصدوك، ولم يكن لك بهم طاقة وتأخّرت عنك النّجدة، وطلبوا منك الساحل وبيت المقدس وغزّة وغيرها من الساحل- أعطيهم ولا تتوقّف، على أن لا يكون لهم فى الديار المصرية قعر قصبة.

وإن نزلوا منزلة من تقدّمهم من العدوّ قبالة المنصورة، فرتب العسكر يكونوا ثابتين خلف السّتاير مع البحر، ليل ونهار. فهم ما لهم زحف إلا بالشّوانى «٢» ، فقوّوا الشّوانى، كيفما قدرتم. واجهدوا أن يكون بعض الحراريق «٣» على بحر المحلّة من خلف مراكبهم، تقطع عنهم الميرة. وهو يكون- إن شاء الله- سبب هلاكهم. فتلك المرّة ما انتصر الشهيد- رحمه الله- عليهم إلا من بحر المحلّة.