من نعمه بلبان الإحسان، وورث ولاء هذا البيت النبوى الفاخر، كابرا عن كابر، وأصبح أوّلا فى العبوديّة، وإن أمسى زمنه الآخر. وكان أحقّ العبيد بأن يقبل- لسلفه سوالف الخدم. وأولاهم بأن يسبل عليه معاطف أذيال الجود والكرم- أحبّ أن تظهر عليه آثار هذه النّعمة، وأن يدرك بها الفضل فى الدنيا، كما يرجو فى الآخرة الرّحمة.
فارتاد من رعيّته من يقوم مقامه فى تقبيل الأرض، ويقف عنه هذا الموقف الجميل لأداء الفرض. ووجد هذا العبد المملوك- الماثل بين يدى مولانا: سلطان الوزراء وسيد الملوك- أقدمهم فى ولايات هذه الدولة النّبويّة المعظّمة أصلا، وأبلغهم فى موالاة المواقف المقدسة المكرمة نسلا، وأصلبهم، عند العجم «١» فى دعوى الرّقّ والولاء عودا. وأثبتهم فى التّعلّق بدولة الحقّ والانتماء عمودا. فندبه إلى المسير إلى دار السلام.
والنيابة عنه فى هذا المقام. والطّواف حول كعبة الرجاء والاستلام. وإنهاء ما تجدّد من الأحوال بمصر والشّام. وأن يضرع إلى عواطف الإفضال، ومشارع النّوال. ويخضع لمواقف الآمال، وشوارع الإقبال فى أن يحفظ له حقّ الآباء والجدود.
وقد وقف العبد المملوك عنه فى هذا الموقف الجليل، وحجّ عن فرضه إلى كعبة الجود والتّأميل. وحظى باستلم حجر ركنها وفاز بالتّقبيل. ويودّ مرسله لو فاز به أو استطاع إليه سبيل. فإنه قد حصل للعبد من القبول والثواب. ما أفاء على الأمل وزاد على الحساب. وتصدّق عليه من الديوان