للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو الفرج الأصفهانىّ: وكان أبو حيّة النميرىّ وهو الهيثم بن الربيع ابن زرارة جبانا بخيلا كذّابا، قال ابن قتيبة: وكان له سيف يسمّيه: لعاب المنية، ليس بينه وبين الخشبة فرق، قال: وكان أجبن الناس؛ قال: فحدثنى جار له، قال: دخل ليلة إلى بيته كلب فظنه لصّا، فأشرفت عليه، وقد انتضى سيفه، وهو واقف في وسط الدار يقول: أيها المغترّبنا، المجترىء علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك، خير قليل، وسيف صقيل، لعاب المنية الذى سمعت به، مشهورة ضربته، لا تخاف نبوته، أخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك، إنى والله إن أدع قيسا إليك لا تقم لها، وما قيس؟ تملأ والله الفضاء خيلا ورجلا، سبحان الله! ما أكثرها وأطيبها! فبينا هو كذلك، إذا الكلب قد خرج، فقال: الحمد لله الذى مسخك كلبا، وكفانا حربا.

ومن أبلغ ما قيل في الجبن من الشعر القديم، قول الشاعر

ولو أنها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأرنما «١»

ومثله قول عروة بن الورد

وأشجع قد أدركتهم فوجدتهم ... يخافون خطف الطير من كلّ جانب

وقال آخر

ما زلت تحسب كلّ شىء بعدهم ... خيلا تكرّ عليهم ورجالا

وقول أبى تمام

موكّل بيفاع الأرض يشرفه ... من خفة الخوف لا من خفّة الطّرب