أن يتوجه إلى الديار المصرية، وولى الأمير عز الدين ايدمر الظاهرى نيابة السلطنة بالشام. وركب السلطان فى ليلة سادس عشر صفر وتوجه إلى حماة ونزل بظاهرها بالجوسق، ونزل صاحب حماة فى خيمة أسوة الناس، ورتب استاد داره وأمير جانداره وحواشيه فى خدمة السلطان لأنه كان جريدة. فكان أول ما شرع فيه أمر العربان. وكان سبب نفورهم أشياء من جملتها أخذ أولادهم رهائن.
ولما وصل إلى حماة وجد عثمان بن مانع وعمرو بن مخلول وجماعة من أكابر العربان بغتة فأكرمهم، وما أظهر لهم شيئا، وكتب إلى الأمير شرف الدين عيسى ابن مهنا يطلب منه فرس فلان، والفرس الفلانى تسكينا له، وكان عيسى قد كتب إلى السلطان قبل خروجه من الديار المصرية يستأذن فى الحضور خديعة، فخدعه السلطان ورسم أن لا يحضر حتى يطلب. فكتب إليه الآن:«إنك كنت طلبت الحضور، ونحن الآن بحماة، فإن أردت الحضور فاحضر» . فحضر فسأله السلطان عما نقل عنه العربان، فاعترف به، فرعى له حق الصدق.
وأحسن إليه وإلى أمراء العربان، وأطلق رهائنهم، وأطلق لعيسى نصف خبزه الذى كان أخذه منه فى سنة ثمان وستين من سلمية وغيرها، وهو مائة ألف وثلاثون ألف درهم، وأطلق له من حلب ألف مكوك غلة إنعاما، وأطلق لغيره من العربان من خمسمائة مكوك إلى ما دونها.
وفى مستهل شهر ربيع الأول، ركب السلطان من حماة بعد العشاء الآخرة ولم يعلم بقصده، وسار على طريق حلب، ثم عرج فأصبح بظاهر حمص، وتوجه إلى حصنى الأكراد وعكار فكشفهما «١» ، وتوجه إلى دمشق.