له. فدخل السلطان إلى الكرك بغتة، واستدعى الرجالة، وكانوا زهاء ستمائة، وأمر بالقبض عليهم وشنقهم، فشفع ما كان معه فيهم، فأخرجهم من الحصن وقطع أيدى وأرجل ستة نفر منهم من خلاف، كانوا سبب الفتنة. وكان السلطان قد استخدم رجالا يثق بهم، وسفرهم إلى غزة، ولم يعرف أحدا قصده بهم، فأحضرهم إلى الكرك ورتبهم عوض من كان بها من الرجال. واستدعى السلطان الطواشى شمس الدين صواب السهيلى الصالحى- وكان يتولى صناعة الإنشاء بمصر- وسلم إليه الحصن، وفوض «١» إليه النظر فى أمواله وحواصله وذخائره.
وخرج متوجها إلى دمشق فى يوم الجمعة ثامن عشرين ذى الحجة سنة أربع وسبعين وستمائة.
واتفق للسلطان فى هذه السفرة أمور، وشاهد أبنية ومنازل غريبة فى مسيره من الديار المصرية إلى الكرك. وقد ذكرها المولى محيى الدين بن عبد الظاهر واعتذر فى بسط القول فيها «٢» لغرابتها. فأحبنا أن نذكر ذلك تلخيصا.
قال: رحل السلطان من قلعته يوم الخميس المذكور فنزل بلبيس، وأقام إلى قرب وقت العصر، ورحل فنزل رأس الماء بوادى السدير، ورحل منه فى نصف ليلة السبت، فنزل الكراع وأقام إلى غروب الشمس، وحمل الماء لكفاية يومين، وتوجه على طريق البدرية، وساق سوقا عنيفا إلى وقت الفجر من يوم الاثنين، لم يرح ولم يسترح إلا بقدر ما تشرب الخيل الماء وتستوفى العليق، فنزل جبل بدر، ثم ركب بعد الإسفار لشدة الوعر فوصل إلى بدر، ونزل عند العين.