قال: وهى عين تخرج من جبل أخضر ليس فيه نبات، منبعها من جهة الغرب تحت جبل شاهق، وهى شكل مغارة منقوبة، يدخل الإنسان منها مقدار عشرة خطى، فيجد عينا تنبع عن بسرة الداخل إليها.
وكان السلطان قبل وصوله إلى العين قد بعث جماعة من العرب وأمرهم أن يجمعوا من ماء العين ما يكون حاصلا للورود، فصنعوا حول العين حياضا فى الأرض شكل البرك محوطة بالحجارة، وملأوها من ماء العين، فوردها السلطان ومن معه، وارتفقوا بها، ولولا ذلك لهلكوا من الأزدحام على الماء. ثم دخل السلطان بنفسه إلى المغارة، وجلس عند العين، وكان يملأ لمن معه قربهم بيده ويناول كل قربة لصاحبها حتى ملأوا ما معهم. ثم رحل من بدر فنزل حسنة، وهى بئر واحدة. ورحل منها حتى انتهى إلى عين تعرف بالمليحة فوردها. ورحل وبات تحت جبل يعرف بنقب الرّباعى، فلما أسفر الصبح صعد إلى الجبل وإذا هو جبل عظيم به عقاب صعبة- وهى حجارة رخوة تشبه الرمل المتجمد، متغيرة الألوان إلى الحمرة والزرقة والبياض- وثم ثقوب فى الجبل يعبر الراكب منها، وبها أمكنة تشبه السلالم من حجارة. وبها قبر هارون نبى الله أخى موسى ابن عمران، عليهما السلام، على يسرة السالك المتوجه إلى الشام. وثم قلعة تعرف بالأصوت «١» صعدها السلطان وشاهدها، فوجدها من أعجب الحصون وأمنعها لا يكون أحصن منها. ونزل من نقوب الرباعى إلى مدائن بنى إسرائيل، وهى ثقوب فى الجبال من أحسن الأشكال ذات بيوت بالعمد وأبواب، وظواهر البيوت مصوقة «٢» بالنقوش فى الحجارة بالإزميل، وكلها مخربة، بها صور أشكال