الجهاد فى العالمين «١» أبو الفتح «٢» بيبرس قسيم أمير المؤمنين، جعل الله سيوفه مفاتيح «٣» البلاد وأعلامه أعلاما من الأسنة، على رأسها نار لهداية العباد، فإنه آخذ البلاد ومعطيها، وواهبها بما فيها، وإذا عامله الله بلطفه شكر، وإذا قدر عفا وأصلح، فكم وافقه قدر، وإذا أهدت إليه النصرة فتوحا بسيفه قسمها فى حاضريها لديه متكرما، وقال الهدية لمن حضر، وإذا خوله الله تخويلا من بلاد الكفر وفتح على يديه قلاعا جعل الهدم للأسوار، والدماء للسيف البتار، والرقاب للإسار، والنواحى المزروعة للأولياء والأنصار، ولم يجعل لنفسه إلا ما تسطره الأملاك فى الصحائف لصفاحه «٤» من الأجور، وتطوى عليه طويات السّير التى غدت بما فتحه الله من الثغور باسمه باسمة الثغور.
فتى جعل البلاد من العطايا ... فأعطى المدن واحتقر الضياعا
سمعنا بالكرام وقد رأينا «٥» ... عيانا ضعف ما فعلوا سماعا
إذا فعل الكرام على قياس ... جميلا كان ما فعل ابتداعا
ولما كان- خلد الله سلطانه- بهذه المثابة، وفتح الفتوحات التى أجزل الله بها أجره وثوابه، وله أولياء كالنجوم إنارة وضياء، وكالأقدار نفاذا ومضاء، وكالعقود تناسقا، وكالوبل تلاحقا إلى الطاعة وتسابقا، وكالنفس الواحدة