وأحضر بهاء الدين أرسلان، أستاذ دار الأمير بدر الدين بيسرى، وهو ابن مملوكه بدر الدين بيليك، أمير مجلس. وكان قد ربى أرسلان هذا كالولد.
فلما كبر قدّمه على جماعة من أكابر مماليكه الذين كانوا فى منزلة أبيه، وجعله أستاذ داره، وأحسن إليه إحسانا كثيرا، فخدمه الأمير سيف الدين منكوتمر ولاطفه ووعده بإمرة طبلخاناة، إن هو أنهى إلى السلطان، أن مخدومه الأمير بدر الدين بيسرى يقصد اغتياله. فأطمعت أرسلان نفسه، بما وعده منكوتمر، ووافقه على ما قصده. وحضر إلى السلطان وأوهمه من أستاذه أنه إن حضر ضيافته قبض عليه وقتله. ثم عّضد ذلك أن الأمير بدر الدين بيسرى، أرسل إلى منكوتمر يطلب منه الدهليز السلطانى، لينصب فى مكان المهم، ولم يشعر بما وقع. فرسم بتسليم الدهليز لمماليك الأمير بدر الدين بيسرى، وأن يتوجه مقدم الفراشين السلطانية ومن معه لنصبه، ولم يطلع السلطان على ذلك.
فلما حمل الدهليز السلطانى على الجمال، ومرّبه المماليك والغلمان، تحت القلعة ليتوجهوا به إلى الجيزية، رآه السلطان من القلعة. فأرسل إلى الأمير سيف الدين منكوتمر، وسأله عن أمره، فأنكر أن يكون اطلع على شىء من حاله. وقال إن مماليك بيسرى أخذوه من الفراش خاناة السلطانية من غير استئذدان. ثم قال للسلطان، هذا مما يحقق صدق ما نقل عنه، وأغراه به. فأمر السلطان بإعادة الدهليز إلى الفراش خاناة «١» .
وكان الحامل للأمير سيف الدين منكوتمر على ذلك أن أستاذه الملك المنصور حسام الدين، كان قد عزم على أن يجعله ولىّ عهده بعده، كما فعل السلطان الملك المنصوره والملك الظاهر بأولادهما، ويقرن اسمه مع اسمه فى الخطبة، لأن لاجين لم يكن له ولد ذكر. فتحدث فى ذلك مع الأمير بدر الدين بيسرى، فأنكره غاية