للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنكار، وأجاب عنه بأقبح جواب، وردّه بأشنع ردّ. فكان مما حكى أنه قال للسلطان: أعلم أن مملوكك هذا الذى أشرت إليه، لا يصلح للجندية، وقد أمرّته وقدمته، فصبر الناس لك على هذا. وجعلته نائب السلطنة، ومشيّت الأمراء والجيوش فى خدمته، فأجابوا إلى ذلك، طاعة لك، وطلبا لرضاك، مع ما تقدم من أيمانك عند السلطنة، أنّك لا تقدم مماليكك على الأمراء، ولا تمكنهم منهم. ثم لم تقنع له بما خوّلته فيه، ومكنته منه، ورفعته من قدره، حتى نقصد أن تجعله سلطانا مثلك، هذا لا يوافقك الناس عليه أبدا.

وحذره من ذلك غاية التحذير، ونهاه عنه، وعن الحديث فيه مع غيره. ولعمرى لقد بالغ فى النصحية «١» له. فأعلم السلطان منكوتمر، بما دار بينه وبين الأمير بدر الدين بيسرى فى أمره، وبما أجاب به فى معناه. فرأى منكوتمر أنه منعه ملكا عظيما، وسلبه أمرا جسيما. وعلم أنه لا يتم له هذا الأمر، الذى أشار به السلطان، ولا يتمكن منه، مع بقاء بيسرى وأمثاله من الأمراء. فشرع فى التدبير عليهم، وأغرى مخدومه بهم. وابتدأ بالتدبير على بيسرى. وعلم أنه إن ينقل «٢» عنه أمرا، ربما أن السلطان لا يتلقاه بقبول، فأخذه من مأمنه. وتحيّل على أستاذ داره أرسلان، حتى أنهى عنه ما أنهاه. ثم عضد ذلك بواقعة الدهليز، فتحقق ما نقل عنه. ولما وقع ذلك، أطلع عليه بعض الأمراء الأكابر، فراسلوا الأمير بدر الدين بيسرى، وأعلموه، بما اطلعوا عليه وكان ممن راسله فى ذلك، الأمير سيف الدين طقجى الأشرفى وغيره من الأمراء، وحذروه من السلطان، وحلفوا له على الموافقة والمعاضدة. فلم يرجع إلى قولهم، ولا أصغى