إليهم. ثم أرسل إليه سيف الدين أرغون، أحد مماليك الملك المنصور، وخاصكيته وأقربهم عنده، يخبره أن السلطان قد عزم على القبض عليه، ويحذره من الحضور إلى الخدمة، وإنه إن حضر يكون فى أهبة واستعداد. وكان الحامل لأرغون على ذلك، أن أستاذه أمرّ غيره من مماليكه، ولم يؤمره بطبلخاناة مع اختصاصه به، وانما أعطاه إمرة عشرة «١» ، فوجد فى نفسه. ومن العجب أن كل واحد، من السلطان وبيسرى، أتى فى هذا الأمر من مأمنه، وأذاع سره أخص الناس به، فإن أرسلان كان من بيسرى بالمكان الذى ذكرناه، كأعز أولاده عنده، وأرغون هذا كان من أخص المماليك المنصورية الحسامية، حتى لقد بلغنى أنه أعطاه فى يوم واحد، سبعين فرسا، وغير ذلك. فحمل أرسلان الطمع بالإمرة، و [حمل]«٢» أرغون الغيرة من تقديم أمثاله عليه. ففعلا ما فعلا، ونقلا ما نقلا.
وحضر الأمير بدر الدين بيسرى إلى الخدمة، فى يوم الاثنين السادس من شهر ربيع الآخر. فأخبرنى ركن الدين بيبرس الجمدار، أحد المماليك «٣» البدرية، الذين كانوا معه، يوم القبض عليه، أنه لما عبر إلى الخدمة، تلقاه السلطان قائما على عادته. وجلس إلى جانبه، وبالغ السلطان فى إكرامه. ولما قدم السماط، امتنع الأمير بدر الدين من الأكل، واعتذر بالصوم. فأمر