للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمن صهباء صافية المزاج ... كأنّ شعاعها لهب السّراج

وقد طبخت بنار الله حتى ... لقد صارت من النّطف النّضاج

تهشّ لها القلوب وتشتهيها ... اذا برزت ترقرق في الزّجاج

أقاد الى السجون بغير جرم ... كأنى بعض عمّال الخراج!

فلو معهم حبست لكان سهلا ... ولكنى حبست مع الدجاج

وقد كانت تخبّرنى ذنوبى ... بأنى من عقابك غير ناج

على أنّى وإن لاقيت شرّا ... لخيرك بعد ذاك الشرّ راجى

فاستدعاه المنصور وقال: أين حبست يا أبا دلامة؟ قال: مع الدّجاج. قال:

فما كنت تصنع؟ قال: أقوقىء «١» معهم الى الصباح؛ فضحك وخلّى سبيله وأمر له بجائزة. فلما خرج قال الربيع: إنه شرب الخمر يا أمير المؤمنين، أما سمعت قوله:

وقد طبخت بنار الله؟ (يعنى الشمس) قال: لا والله، ما عنيت إلا نار الله الموقدة التى تطّلع على فؤاد الربيع. فضحك المنصور وقال: خذها يا ربيع ولا تعاود التعرّض له.

وروى عن المدائنىّ قال: دخل أبو دلامة على المهدىّ وعنده إسماعيل بن على وعيسى بن موسى والعبّاس بن محمد بن إبراهيم الإمام وجماعة من بنى هاشم؛ فقال له المهدىّ: أنا أعطى الله عهدا إن لم تهج واحدا ممن في البيت، لأقطعنّ لسانك أو لأضربنّ عنقك. فنظر اليه القوم، وكلما نظر إلى أحد منهم غمزه بأنّ علىّ رضاك. قال أبو دلامة: فعلمت أنى قد وقعت وأنها عزمة من عزماته لا بدّ منها، فلم أر أحدا أحقّ بالهجاء منّى ولا أدعى الى السلامة من هجاء نفسى، فقلت:

ألا أبلغ لديك أبا دلامه ... فلست من الكرام ولا كرامه