للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجناده نحمده على ما وهبنا من نصره، ونشكره على نعمه التى خوّلنا منها بأسا أذاق العدوّ وبال أمره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ترفع منار هذا الدين، وتضاعف أجر المجاهدين الذين [١٠] أضحوا فى درج المتقين مرتقين، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذى بعثه وضروع الكفر حوافل، وربوع البغّى أواهل. فلم يزل يجرّد الصّفاح من مقرّها، ويطلق جياد الغرم فى مجراها وصعاد الحزم فى بحرها، إلى أن أخمد نار الشرك والنفاق، وظهرت معجزاته بإطفاء نار فارس بالعراق، صلى الله عليه وعلى آله الذين جرّدوا بين يديه سيوف الحتوف، فاستغلقت الأعمار، وهاجروا إليه ونصروه فسموا المهاجرين والأنصار، وبعد: فإن الوقائع التى عظمت آثارها فى الآفاق، وحفظت بها دماء المسلمين من أن تراق، وبقى بها الملك والممالك، وأشرق بها سواد الخطب الحالك، وسطّرها الله تعالى فى صحائف مولانا السلطان الملك الناصر، وآتاه فيها من الملك ما لم يبلغه أحد، فأورثه به ظفرا مخلّدا لا يفنى وإن طال المدار والأمد، وأشبه فى ثباته ووثباته بها أباه رضىّ الله عنه، والشبل فى المخبر مثل الأسد، واستقر بها الملك فى مهاد السكون بعد القلق، وتبدلّت بها الملة الإسلامية الأمن بعد الفرق، وأضحى بها وجه الإسلام سافرا بعد تقطيبه، وطلع بها بدر السرور كاملا بعد مغيبه، وعمّت الأيام إحسانا من الملك وحسنى وعلّم المؤمنين بها تحقيق قوله عز وجل وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً

[١] حقها [٢] أن يسطر فيها ما يعمر ربوع السرور ويؤنس معاهده، ويقف عليه الغائب فيكون كمن شاهده ويذيع أنباء هذه النّصرة فى الأقطار، ويتحقق أهل الإسلام أن لهم ملكا يناضل عن دين الله بالسّمر الطّوال والبيض القصار، وسلطانا ما أغمد سيفه فى جفنه إلا ليستجم لأخذ الثأر ممّن ثار.


[١] سورة النور آية ٥٥.
[٢] زيادة يقتضيها السياق.