للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحجم [١] ، معتقدا أن الله قد بسط يده فى البلاد- ويأبى الله إلا أن يقبضها- متخيّلا أنّ هذه الكرّة مثل تلك- ويأبى الله إلا أن يخلف لهذه الأمة بالنصر ويعوّضها- متوهما أن جيشه الغالب، وعزمه القاهر، متحققا أنه منصور وكيف ذاك ومعنا الناصر!! والتقى الفريقان بعزائم لم يشبها [٢] فى الحرب نكول ولا تقصير، فكان جمعنا ولله الحمد جمع سلامة وجمعهم جمع تكسير؛ وحمى الوطيس، وحمل فى يوم السبت الخميس [٣] على الخميس، ودارت رحا الحرب الزّبون [٤] ، وغنّت السيوف بشرب الكماة كأس المنون، والسلطان قد ثبت فى موقف المنايا، حتى كأنه فى جفن الرّدى وهو نائم، ورأى الأبطال من أوليائه جرحى فى سبيل الله والأعداء مهزومين [٥] . والوجه منه وضّاح والثغر باسم، وقابل العدوّ بصدره وقاتل حتى أفنى حديد بيضه وسمره، وخاطر بنفسه والموت أقرب إليه من حبل الوريد. ونكّب عن ذكر العواقب جانبا، ولم يستصحب إلا سيفه المبيد، واشتد أزرا بامرائه الذين رأوا الحياة فى هذا اليوم مغرما، وعدوّا الممات فيه مغنما وقالوا: لا حياة إلا بنصر الإسلام، ولا استقرار حتى تطأ بين يدى السلطان سنابك الخيول هذه الهام، وما أعددنا العزائم [٣٥] إلا لهذا الموقف، ولا أحددنا الصوارم وخبأناها إلا لنبذلها فى السفك فنسرف [٦] ، وهم بين يدى سلطانهم يحثّون جيوشهم على المصابرة، ويقولون: هذا يوم تصيبنا فيه إحدى الحسنيين: فإما سعادة الدنيا وإما جنة الآخرة، وقالت الملائكة للجيوش المنصورة: يا خيل الله اركبى ويا يد النصر اكتبى، وقامت الحرب على ساق وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ

[٧] ، وأتى العدوّ جملة واحدة، وحمل حملة أمست بالنفوس جائدة، ونكب عن الميسرة وقصد الميمنة


[١] كذا فى ف وفى ص «برأتها» .
[٢] كذا فى ص، وف. وفى السلوك ١: ١٠٣١ «لم ييئسها» .
[٣] الخميس: الجيش (المعجم الوسيط) .
[٤] الحرب الزبون: الشديدة (المعجم الوسيط) .
[٥] كذا فى ف. وغير واضحة فى ص. وفى السلوك ١: ١٠٣١ «مهزومة» .
[٦] كذا فى السلوك ١: ١٠٣١. وغير منقوطة فى ص، وف.
[٧] سورة القيامة الآيتان ٢٩ و ٣٠.