للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنده بمنزله بالقلعة أياما ثم عرض عليه التوبة والرجوع عن هذه الأقوال فتاب ورجع عنها بحضوره، وأخذ منه كتابا كان يدّعى أنّه جميعه ممّا خوطب وأطلقه ثم اجتمع بى بعد ذلك فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة وهو باق على دعواه مصّر على مقالته- عافاه الله تعالى- وهذا الرجل كان قبل هذه الدعوى ينوب عن القضاة بالشام، وناب عن القاضى بدر الدين بن جماعة فى بعض الأعمال، فلما غلب عليه هذا الحال ترك الولايات الحكمية وأخذ فى هذا النوع.

وفى هذه السنة رسم للأمير ركن الدين بيبرس العلائى أحد الأمراء بالشام أن يكون حاجيا بدمشق رفيقا للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى، فامتنع من ذلك، وسأل الإعفاء، ثم أجاب ولبس التشريف السلطانى ووقف فى الخدمة وآستمر فى الحجبة هو والأمير سيف الدين بكتمر وذلك فى منتصف جمادى الآخرة، وكانا حاجبين كبيرين.

وفيها فى يوم الإثنين سادس عشرين شهر رجب توجه الشيخ تقى الدين ابن تيمية وجماعة إلى مسجد التاريخ [١] ظاهر دمشق، وأحضر جماعة من الحجّارين وقطع صخرة هناك كان الناس يزورونها وينذرون لها، وكان للناس فيها أقاويل، فأزالها.

وفى يوم الثلاثاء خامس عشرين شهر رمضان ضرب عنق الكمال الأحدب رئيس قلعة جديا من غوطة دمشق، وسبب ذلك أنه حضر إلى قاضى القضاة جمال الدين المالكى مستفتيا [٢] وهو لا [٣] يعلم أنه قاضى القضاة فاستفتاه فى رجل خاصم رجلا فقال أحدهما للآخر: تكذب ولو كنت رسول الله فسأله القاضى، من قال هذا؟ قال: أنا. فأشهد عليه من حضر مجلسه وذلك فى يوم الإثنين رابع عشرين الشهر، وحكم فى يوم الثلاثاء بإراقة دمه فى دار العدل، فضربت عنقه بسوق الخيل، ثم غسّل وكفّن وصلّى عليه ودفن.


[١] مسجد التاريخ، ويسمى مسجد الحجر؛ بحيث يوجد به حجر قيل عليه أثر قدم النبى صلى الله عليه وسلم. ويقع بظاهر دمشق قبلى مسجد المصلى، وفيه بئر وساقية، وله منارة (الدارس فى تاريخ المدارس ٢: ٣٦١) .
[٢] فى ك «مستغيثا» والمثبت من ص، وف.
[٣] «لا» ساقطة من ك.