الوادىّ المغنّى، قال: غنّيت الوليد بن يزيد وهو غلام حديث السنّ بشعر مطيع بن أياس وهو:
إكليلها ألوان ... ووجهها فتّان
وخالها فريد ... ليس له جيران
اذا مشت تثنّت ... كأنها ثعبان
قد جدلت فجاءت ... كأنها عنان
فطرب حتى زحف عن مجلسه الىّ، واستعادنى الصوت حتى صحل «١» صوتى؛ ثم قال: ويحك! من يقول هذا؟ فقلت: عبد لك يا أمير المؤمنين أرضاه لخدمتك.
قال: ومن هو؟ قلت: مطيع بن إياس. قال: وأين هو؟ قلت: بالكوفة؛ فأمر أن يحمل اليه مع البريد، فحمل اليه؛ فسأله عن الشعر فقال: من يقول هذا؟ فقال:
عبدك أنا يا أمير المؤمنين. فقال له: أدن منى، فدنا منه فضمّه الوليد اليه وقبّل فاه وبين عينيه، وقبّل مطيع رجليه والأرض بين يديه؛ ثم أدناه حتى جلس في أقرب المجالس اليه، واصطبح معه أسبوعا متوالى الأيام على هذا الصوت. وكان في خلال الدولة الأمويّة ينقطع الى أوليائها وعلمائها، ثم انقطع في الدولة العباسيّة الى جعفر ابن أبى جعفر المنصور فكان معه حتى مات جعفر. ومات مطيع في خلافة الهادى بعد ثلاثة أشهر مضت منها. وله نوادر وأخبار مستظرفة هذا موضع ذكرها، فلنقتصر هاهنا من أخباره عليها دون غيرها.
قيل: سقط لمطيع حائط؛ فقال له بعض أصحابه: احمد الله على السلامة.
قال: احمد الله أنت إذ لم ترعك هدته، ولم يصبك غباره، ولم تغرم أجرة بنائه.