ومن أخباره ما رواه أبو الفرج الأصفهانىّ بإسناده الى عبد الملك المروانىّ عن مطيع بن إياس، قال: قال لى حماد عجرد يوما: هل لك أن أريك «خشّة» صديقتى وهى المعروفة بظبية الوادى! قلت نعم. قال: إنك إن قعدت عندها «١» وخبثت عينك فى النظر أفسدتها علىّ. فقلت: لا والله لا أتكلّم بكلمة تسوءك ولأسرنّك. فمضى بى وقال: والله لئن خالفت ما قلت لأخرجنّك. قال: قلت: إن خالفت إلى ما تكره فاصنع بى ما أحببت. قال: امض بنا فمضينا، فأدخلنى على أحسن خلق الله وأظرفهم وأحسنهم وجها. فلما رأيتها أخذنى الزّمع «٢» ؛ وفطن لى فقال: اسكت يابن الزانية، فسكتّ قليلا، فلحظتنى ولحظتها لحظة أخرى فغضب ووضع قلنسوته عن رأسه، وكانت صلعته حمراء كأنها است قرد؛ فلما وضعها وجدت للكلام موضعا، فقلت:
وإن السوءة السوءا ... يا حمّاد عن خشّه
عن الأترجّة الغضّ ... ة والتفّاحة الهشّه
فالتفت الىّ وقال: فعلتها يابن الزانية! فقالت له: أحسن، فو الله ما بلغ صفتك بعد، فما تريد منه! فقال لها: يا زانية! فسبّته وتثاورا، فشقّت قميصه وبصقت في وجهه وقالت له: ما يصادقك ويدع مثل هذا إلا زانية، وخرجنا وقد لقى كلّ بلاء، وقال لى: ألم أقل لك يابن الزانية: إنك ستفسد علىّ مجلسى! فأمسكت عن جوابه، وجعل يهجونى ويسبنى ويشكونى الى أصحابنا؛ فقالوا لى: