للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الزبر وبين كون الكلام نفسه فى الزبر، كما قال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ.

فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ

[١] وقال: يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ

[٢] فمن قال: إنّ المداد قديم فقد أخطأ، ومن قال: ليس فى المصحف كلام الله وإنما فيه المداد الذى هو عبارة عن كلام الله فقد أخطأ، بل القرآن فى المصحف، كما أنّ سائر الكلام فى الأوراق كما عليه الأمة مجتمعة، وكما هو فى نظر المسلمين، فإنّ كلّ مرتبة لها [٣] حكم يخصها، وليس وجود الكلام من الكتاب لوجود الصفة بالموصوف، مثل العلم والحياة بمحلها حتى يقال: إنّ صفة الله حلت بغيره أو فارقته، ولا وجوده فيه كالدليل المحض، مثل وجود العالم الدال على البارى تعالى، حتى يقال: ليس فيه إلا ما هو علامة على كلام الله، بل هو قسم آخر ومن لم يعط كل مرتبة فيما يستعمل فيها أداء الطرق حقها فيفرق بين وجود الجسم فى الحيز وفي المكان، ووجود العرض بالجسم، والصورة بالمرآة ويفرق بين رؤية الشئ بالعين يقظة ورؤيته بالقلب يقظة ومناما، ونحو ذلك، وإلا اضطرب عليه الأمر [٤] ولذلك سؤال السائل عما فى المصحف، هل هم حادث أو قديم، سؤال مجمل. فإنّ لفظ القديم أولا مأثور عن السلف [ليس] [٥] وأما الذى اتفقوا عليه أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وهو كلام الله حيث تلى وحيث كتب وهو قرآن واحد وكلام وإن تنوعت الصور التى يتلى بها، وتكتب من أصوات العباد ومدادهم، فإن الكلام كلام من قاله مبتدءا، لا كلام من بلغه مؤديا، فإذا سمعنا محدثا يحدث

بقول النبى- صلى الله عليه وسلم- «إنما الأعمال بالنيات»

قلنا هذا كلام رسول الله لفظه ومعانيه، مع أن علمنا أن الصوت صوت المبلغ لا صوت رسول الله وهكذا كل من بلغ كلام غيره من نظم ونثر ونحن إذا قلنا هذا كلام الله لما نسمعه من القارئ من قرأه فى المصحف فالإشارة إلى الكلام من حيث هو هو مع قطع


[١] سورة الواقعة الآيتان ٧٧، ٧٨.
[٢] سورة البينة الآيتان ٢، ٣.
[٣] فى ك «بها» والمثبت من ص، وف.
[٤] فى ص «الأمور» .
[٥] ما بين الحاصرتين ساقط فى الأصول، وبه يستقيم السياق. والمعنى.