للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله الذى تنزه عن التشبيه والتنظير، وتعالى عن المثيل فقال عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

[١] نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع فى أيامنا أسباب الشك والارتياب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير وينزه خالقه عن التحييز فى جهة لقوله عز وجل: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

[٢] ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذى نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر فى آلآء الله، ونهى عن التفكر فى ذاته- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع وشيد الله بهم من قواعد الدين الحنيف ما شرع، وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع، وبعد: فإن العقيدة الشرعية [٣] وقواعد الإسلام المرعية وأركان الإيمان العلية ومذاهب الدين المرضية هى الأساس الذى يبنى عليه، والموئل الذى يرجع كل أحد إليه، والطريق الذى من سلكها فقد فاز فوزا عظيما ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد دوامها وتصان عقائد هذه الأمة عن الاختلاف وتزان قواعد الأمة بالائتلاف وتغمد [٤] بواتر البدع ويفرق من فرقها ما اجتمع، وكان التقى ابن تيمية فى هذه المدة قد بسط لسان قلمه ومد عنان كلمه وتحدث فى مسائل الذات والصفات ونص فى كلامه على أمور منكرات وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون وفاه بما تجنبه السلف الصالحون وأتى فى ذلك بما أنكره أئمة الإسلام واتفق [٥] على خلافه إجماع العلماء والحكام وشهر من فتاويه فى البلاد ما استخف به عقول العوام وخالف فى ذلك علماء عصره وفقهاء شامه ومصره وبعث رسائله إلى كل مكان وسمى فتاويه أسماء ما أنزل الله بها من سلطان.


[١] سورة الشورى آية ١١.
[٢] سورة الحديد آية ٤.
[٣] فى ك «العقد» والمثبت من ص، وف.
[٤] فى الأصول «وتحمد» ولعل الصواب ما أثبته.
[٥] كذا فى ك، وف. وفى ص «أئمة السلف وانعقد» .