أنت عندى كثعاله، لا محاله؛ طالك العنقود، فأبرزت أنواع الحقود؛ وأين الثريّا من يد المتناول؟ أم أين السها من كف المتطاول؟ تالله إنك فى صرفك بصفرك مغلوط! لقد خصصت بالعلوّ وخصصت بالهبوط. ترى باطنى من ظاهرى مشرقا، وتخالنى لخزائن الأنوار مطلقا؛ فحديث سيادتى مسلسل، وتاج فضائلى بجواهر العلوّ مكلّل.
فلحظه الشّمعدان بطرف طرفه، وأرسل فى ميدان المناظرة عنان طرفه. وقال:
إنّ افتخارك بالعلوّ غير مفيد، ومزية اختصاصك به ليس له أبّهة مزيد؛ طالما علا القتام وانحطت الفرسان، ومكث الجمر وسما الدّخان؛ ولقد صيّرتك كنظر المشنوق حاله، وكضوء السّها ذباله؛ وأنت الخليق بما قيل:
وقلب بلا لبّ، وأذن بلا سمع
وسلاسلك تشعر بعقلك، وعتوك ينبئ عن غلوّ إسقاط كمثلك؛ عادلت التبر كفّة بكفّه، ووزنته إذ كان فيه خفه؛ فأصخ لمفاخرى الجليله، واستمع مناقبى الجميله. أطارد جيوش الظّلماء برمحى، وأمزق أثوب الديجور بصبحى؛ جمع عاملى بين طلع النخل.
وحلاوة النحل؛ يتلو سورة النور لسانى، ويقوى فى مصادمة عساكر الليل البهيم جنانى؛ أسامر المليك خلوه، ويستجلى من محاسنى أحسن جلوه.
ولله درّ القائل:
انظر إلى شمعدان شكله عجب ... كروضة روّضت أزهارها السّحب.
يطارد الليل رمح فيه من ورق ... سنانه لهب من دونه الذّهب.
فمثل هذه المناقب تتلى، ومثل هذه المحاسن تظهر وتجلى.