للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأضرم نار تبيينه، فى أحشاء قرينه. فعندها قال القنديل:

لقد أطلت الأفتخار بمحاسن غيرك، لّما وقفت فى المناظرة ركائب سيرك؛ فاشكر اليد البيضاء من شمعك، واحرص على معرفة قيمتك ووضعك؛ وأما افتخارك بتلاوة سورة النور، فأنا أحق بها منك إذ محلى الجوامع، والفرقان فارق بينى وبينك مع أنه ليس بيننا جامع؛ ففضيلتى فيه بيّنه، وآية نورى فى سورة النور مبيّنه؛ فاقطع موادّ اللجاجة، واقرأ الآية المشتملة على الزجاجة؛ يظهر لك من هو الأعلى، ومن بالافتخار الأولى؛ تخالنى درّة علّقت فى الهواء، أو كوكبا من بعض كواكب الجوزاء.

ولله درّ القائل:

قنديلنا فاق بأنواره ... نور رياض لم تزل مزهره.

ذبالة فيه إذا أوقدت ... حكت بحسن الوضع نيلوفره.

لا يحمل الأقذاء خاطرى، ولا يغتمّ مشاهدى وناظرى؛ فأنا خلاصة السبك، والتبر الذى لا يفتقر إلى الحكّ؛ اشتقاق اسمك من النحوس، ومن جرمك تقام هياكل الفلوس؛ لقد عرّضت نفسك للمنيه، وانعكست عليك موادّ الأمنيه؛ مع أن الحق أوضح من لبّة الصباح، وأسطع من ضوء المصباح؛ والآن غضصت بريقك، وخفيت لوامع بروقك؛ فهذه الشهباء والحلبه، وهذه ميادين المناضلة رحبه.

فحار الشمعدان فى الجواب، وجعل ما أبداه أوّلا فصل الخطاب فقال القنديل:

لا بدّ من الإقرار بأن قدحى المعلّى، وأنى عليك بالتقديم الأولى؛ وأن مقامى العالى، ونورى المتوالى.